حالات التشرد تكتسح طرابلس
يمر كل يوم على طريق طرابلس آلاف المواطنين وبعضهم بأفخم السيارات غير آبهين لما يجري على يمينهم أو شمالهم على الأرصفة القريبة منهم بأمتار قليلة. ومن ينام في الشقق الفخمة قد يدري او لا يدري أن هناك أناساً آخرين من المدينة ينامون في العراء وعلى قارعة الطريق وسط البرد القاتل.
قد تظن للوهلة الأولى أن الأمر عادي بوجود المشردين على قارعة الطريق في مدينة طرابلس، ولكن عندما تعلم أن وزير الشؤون الإجتماعية هو ابن طرابلس وساكنها، فإنك حتماً ستتفاجأ!.
بلا مصير مفترشاً الأرض وملتحفاً السماء ومتخذاً من بعض أغصان التين البري النابت غصباً في جدار الطريق منزلاً واقياً من زخات المطر، فيما لباسه خِرَقٌ أشبه بلباس لازمت جسده الهزيل منذ سنين، أما طعامه فهو ما يجود عليه بعض المارة على الطريق أو ما يستطيع جمعه من مستوعبات الشوارع يقي به جوعه بانتظار حلول الأجل. فبين مصرف لبنان وشارع غرفة التجارة والصناعة والزراعة، ينام رجل خمسيني مفترشاً الأرض بكرتونة. يبدو كمن لا يهتم لشيء ولا يكترث لشيء. حاولنا التحدث إليه ومبادرته بالكثير من الأسئلة غير أن "كل الأسئلة التي طرحت عليه لم يجب عليها باستثناء سؤال واحد: هل أنت من طرابلس؟ عندها أدار وجهه إلينا وهزّ رأسه".
قساوة الحياة لطيف كان هذا المسن رغم معاناته وحرمانه فهو ليس سلبيا ولو مكثت بجانبه سنة ما حرك ساكناً. إنه صنع الزمن الصعب والضغط النفسي والصدمات الاجتماعية التي تعرض لها جعلته غير آبه لشيء وغير منتظر لأي إنسان ليساعده بعد أن فقد الأمل من كل شيء حوله.
بيت كرتون وفي المقلب الآخر وعلى الرصيف الفاصل بين إشارتي المئتين وعزمي، اتخذت سيدة مسنّة من كوخ الكرتون بيتاً لها. وكانت تضع خارج كوخها طعامها وهو عبارة عن خليط من بقايا أطعمة عديدة مع بعضها البعض في طبق واحد. عندما وصلنا إليها كانت نائمة لدرجة أنها لم تأبه لكل الأصوات من حولها لا إلى أبواق السيارات ولا إلى صوت الزحام على الطريق بجانبها وكأنها لم تنم منذ سنوات. كل الأصوات التي اطلقناها لإيقاظها لم تُجدِ نفعاً. إنه عناء التعب الذي تتكبده كل ليلة حتى تجمع قوتها من بقايا فضلات الطعام المرمي قرب مستوعبات النفايات في الشوارع والأزقة.
الحالات كثيرة ليست هذه الحالات وحدها فقط في شوارع المدينة، لكنها عيّنة من عشرات المشردين والمشردات بلا مأوى ولا مصير في شوارع وأزقة مدينة طرابلس تتقاذفهم الحياة ويصارعون القدر بلا معين أو نصير.
دُور الرعاية ومع بروز هذه الحالات بقوة في المدينة تبرز إلى العلن دور أماكن الرعاية والعناية في طرابلس وغير طرابلس والتي تبدو غائبة عن احتضان مثل هذه الحالات التي لا معيل لها وربما قد لا تكون إعالتها لا تقدم أو تؤخر في الحسابات السياسية والمادية لهذه الدور أي مردود في مكيالها.
دولة مقصرة وفي هذا السياق تحدث إلى "صدى البلد" سفير منظمة السلام للإغاثة وحقوق الانسان في لبنان أنور خانجي "معتبراً أن الدولة عبر الوزارة المعنية مقصرة تماماً تجاه هذه الحالات" وقال أيضاً "يجب على وزارة الشؤون الإجتماعية أن تقوم بدورها تجاه هذه الحالات والمشاهد المأسوية في المدينة ومن الضروري إيجاد المسكن لهؤلاء المشردين الذين ضاقت بهم سبل العيش وانقطع عنهم عطف الكثيرين فأين عطف الدولة عليهم؟".
الوزارة غائبة فوزارة الشؤون الإجتماعية وهي الوزارة المعنية مباشرة بهذه الحالات الإجتماعية لا نجد لها أي حركة على طريق إيواء هذه الحالات المنتشرة في شوارع طرابلس، هذا على الرغم من أن وزير الشؤون الإجتماعية رشيد درباس هو ابن طرابلس بحسب قيد النفوس والرجل الذي يتغنى دائماً بحبه لمدينته ولأهلها وبالرغم أيضاً من أن هذه الحالات تعود لمواطنين طرابلسيين ولبنانيين وليسوا سوريين أو من جنسيات غير لبنانية كي تعفي وزارة الشؤون الإجتماعية نفسها من احتضانهم!.
" جيبولي أكل" مشردٌ ثالث ممن شملتهم جولتنا في احد الأزقة يبادرنا بالطلب لدى رؤيتنا نقترب منه :"بدي آكل جيبولي أكل"، لنتأكد أن أقصى أحلام هؤلاء المشردين إيجاد ما يقتاتون به لا أكثر ولا أقل. تحفل مواقع التواصل الإجتماعي ومواقع الأخبار على شبكة الإنترنت بنداءات ومطالبات لوزير الشؤون الإجتماعية والحكومة اللبنانية بالعمل على انتشال هؤلاء البشر من مأزقهم ولكن في زمن التمديد فإن المواطن لم يعد يساوي حتى صوته الإنتخابي في صندوقة ! والنتيجة المعروفة دائماً: لا استجابة..
M'r BOB
by شبكة اخبار طرابلس الفيحاء via شبكة اخبار طرابلس الفيحاء's Facebook Wall
يمر كل يوم على طريق طرابلس آلاف المواطنين وبعضهم بأفخم السيارات غير آبهين لما يجري على يمينهم أو شمالهم على الأرصفة القريبة منهم بأمتار قليلة. ومن ينام في الشقق الفخمة قد يدري او لا يدري أن هناك أناساً آخرين من المدينة ينامون في العراء وعلى قارعة الطريق وسط البرد القاتل.
قد تظن للوهلة الأولى أن الأمر عادي بوجود المشردين على قارعة الطريق في مدينة طرابلس، ولكن عندما تعلم أن وزير الشؤون الإجتماعية هو ابن طرابلس وساكنها، فإنك حتماً ستتفاجأ!.
بلا مصير مفترشاً الأرض وملتحفاً السماء ومتخذاً من بعض أغصان التين البري النابت غصباً في جدار الطريق منزلاً واقياً من زخات المطر، فيما لباسه خِرَقٌ أشبه بلباس لازمت جسده الهزيل منذ سنين، أما طعامه فهو ما يجود عليه بعض المارة على الطريق أو ما يستطيع جمعه من مستوعبات الشوارع يقي به جوعه بانتظار حلول الأجل. فبين مصرف لبنان وشارع غرفة التجارة والصناعة والزراعة، ينام رجل خمسيني مفترشاً الأرض بكرتونة. يبدو كمن لا يهتم لشيء ولا يكترث لشيء. حاولنا التحدث إليه ومبادرته بالكثير من الأسئلة غير أن "كل الأسئلة التي طرحت عليه لم يجب عليها باستثناء سؤال واحد: هل أنت من طرابلس؟ عندها أدار وجهه إلينا وهزّ رأسه".
قساوة الحياة لطيف كان هذا المسن رغم معاناته وحرمانه فهو ليس سلبيا ولو مكثت بجانبه سنة ما حرك ساكناً. إنه صنع الزمن الصعب والضغط النفسي والصدمات الاجتماعية التي تعرض لها جعلته غير آبه لشيء وغير منتظر لأي إنسان ليساعده بعد أن فقد الأمل من كل شيء حوله.
بيت كرتون وفي المقلب الآخر وعلى الرصيف الفاصل بين إشارتي المئتين وعزمي، اتخذت سيدة مسنّة من كوخ الكرتون بيتاً لها. وكانت تضع خارج كوخها طعامها وهو عبارة عن خليط من بقايا أطعمة عديدة مع بعضها البعض في طبق واحد. عندما وصلنا إليها كانت نائمة لدرجة أنها لم تأبه لكل الأصوات من حولها لا إلى أبواق السيارات ولا إلى صوت الزحام على الطريق بجانبها وكأنها لم تنم منذ سنوات. كل الأصوات التي اطلقناها لإيقاظها لم تُجدِ نفعاً. إنه عناء التعب الذي تتكبده كل ليلة حتى تجمع قوتها من بقايا فضلات الطعام المرمي قرب مستوعبات النفايات في الشوارع والأزقة.
الحالات كثيرة ليست هذه الحالات وحدها فقط في شوارع المدينة، لكنها عيّنة من عشرات المشردين والمشردات بلا مأوى ولا مصير في شوارع وأزقة مدينة طرابلس تتقاذفهم الحياة ويصارعون القدر بلا معين أو نصير.
دُور الرعاية ومع بروز هذه الحالات بقوة في المدينة تبرز إلى العلن دور أماكن الرعاية والعناية في طرابلس وغير طرابلس والتي تبدو غائبة عن احتضان مثل هذه الحالات التي لا معيل لها وربما قد لا تكون إعالتها لا تقدم أو تؤخر في الحسابات السياسية والمادية لهذه الدور أي مردود في مكيالها.
دولة مقصرة وفي هذا السياق تحدث إلى "صدى البلد" سفير منظمة السلام للإغاثة وحقوق الانسان في لبنان أنور خانجي "معتبراً أن الدولة عبر الوزارة المعنية مقصرة تماماً تجاه هذه الحالات" وقال أيضاً "يجب على وزارة الشؤون الإجتماعية أن تقوم بدورها تجاه هذه الحالات والمشاهد المأسوية في المدينة ومن الضروري إيجاد المسكن لهؤلاء المشردين الذين ضاقت بهم سبل العيش وانقطع عنهم عطف الكثيرين فأين عطف الدولة عليهم؟".
الوزارة غائبة فوزارة الشؤون الإجتماعية وهي الوزارة المعنية مباشرة بهذه الحالات الإجتماعية لا نجد لها أي حركة على طريق إيواء هذه الحالات المنتشرة في شوارع طرابلس، هذا على الرغم من أن وزير الشؤون الإجتماعية رشيد درباس هو ابن طرابلس بحسب قيد النفوس والرجل الذي يتغنى دائماً بحبه لمدينته ولأهلها وبالرغم أيضاً من أن هذه الحالات تعود لمواطنين طرابلسيين ولبنانيين وليسوا سوريين أو من جنسيات غير لبنانية كي تعفي وزارة الشؤون الإجتماعية نفسها من احتضانهم!.
" جيبولي أكل" مشردٌ ثالث ممن شملتهم جولتنا في احد الأزقة يبادرنا بالطلب لدى رؤيتنا نقترب منه :"بدي آكل جيبولي أكل"، لنتأكد أن أقصى أحلام هؤلاء المشردين إيجاد ما يقتاتون به لا أكثر ولا أقل. تحفل مواقع التواصل الإجتماعي ومواقع الأخبار على شبكة الإنترنت بنداءات ومطالبات لوزير الشؤون الإجتماعية والحكومة اللبنانية بالعمل على انتشال هؤلاء البشر من مأزقهم ولكن في زمن التمديد فإن المواطن لم يعد يساوي حتى صوته الإنتخابي في صندوقة ! والنتيجة المعروفة دائماً: لا استجابة..
M'r BOB
by شبكة اخبار طرابلس الفيحاء via شبكة اخبار طرابلس الفيحاء's Facebook Wall